أطفال الشوارع

قررت أن أخلع ولو قليلا ثياب السلبيه

أمبارح وأنا في طريقي لشغلي لفت نظري موقف غريب، كنت في المترو وكان في مجموعه من الاطفال، كان سن أصغرهم لا يزيد عن ثماني سنوات ولا يزيد أكبرهم عن عشر سنوات، كان بيان عنهم أنهم زي الأغلبيه من الطبقة المتوسطة أعني، كان كل منهم يرتدي قميص وبنطلون وبلوفر يقيه البرد، أي أن لهم من يهتم بصحتهم

فهمت من كلام أصغرهم (وكان أكثرهم كلاماً) أنهم يعملون في ورشة وكان أشد ما لفت نظري أنهم وبأستمرار واقفين أمام الباب ليسدوا الطريق على الداخل والخارج بالاضافه الى محاولاتهم المستمرة في ايقاف فتح وغلق الباب ولو خرجت من نطاق التفكير الذاتي في انهم بذلك يعوقوا حركة المترو مما قد يسبب عطله وبالتالي تعطل جميع الموجودين ، وفكرت فيهم وفيما قد يحدث لهم من إصابات ولكن لا هذا ولا ذاك هو ما كان يشغل بالي.

كان يشغل بالي لغتهم المستخدمه في الحديث، وعشان أوضح هحكي موقف من اللي حصل

كان ياما كان - لا أنا مش بحكي حكايه- كان في واحد كبير راكب المترو وكان بيقولهم بس سيبوا المترو يقف عشان يتحرك فالولد الصغير قاله طيب براحه انت هتوجع دماغنا ليه ومجموعه أخرى من الالفاظ بجد وبدون أدعاء مني لا أستطيع أن أكررها حتى في ذهني، الراجل الكبير اتنرفز وقال للولد الصغير انا هوديك للعسكري الي في المحطة والولد برضه مسكتش ، المهم الراجل كان نازل المحطة اللي جايه فنزي وبعد ما نزل استمر الولد الصغير واصدقائه في السخريه منهم وحتى وصلنا لهذه النقطه لم يتحرك أحد من الموجدين بل كان الكثير منهم يضحكون من طول السنه هؤلاء الصبيه.

وكعادتي لم أكن أنوي أن أحرك ساكن أنا أيضا فأنا بأستمرار أرى نفسي من الضعف لدرجة لا أستطيع معها التحدث حتى مع الأطفال ولكن أثارني وبشده أن سب أصغر هؤلاء الصبيه أم الرجل الكبير بمجموعه من الالفاظ التي لا أستطيع أن أتخيل كيف وبمنتهى البساطة خرجت من فمه، وأيضا لم يتحرك أحد من الموجودين وأستمر الصغير في سب الرجل وأمه ونعته بأقذر الصفات وبالإضافه لذلك الجبن والتخاذل لأنه رحل بعدما هددهم ولم ينفذ شيء من تهديده.

لا أدري ما الذي دفعني ولكني تحدثت لصغيرهم بعد أن وكزته في ذراعه قائلا له

محدش قالك قبل كده عيب

رد قائلا لا

قلت له أنا بقالك دلوقت عيب

فرد وقالي أنا عمري ماحد مسكني من دراعي كده

أستفزني رده وقلت له

عمر ما حد مسكك من دراعك وعمر ما حد قالك عيب!!

قالي أه

قلتله تبقى مش غلطتك لوحدك

وبغض النظر عن صدقه أو كذبه بس أستفزني أن أحد الموجودين بعدها قالي هو ده الجيل الجديد

فأنفعلت وقلتله وهنسكت لغايه ما يضيه

قالي هو لسه هيضيع ما هو ضاع من زمان

قالتله ومين سابه يضيع وهنفضل لغايه أمتى نتفرج ونسكت مش هو ده أخويا مش هو ده أبنك مش هو ده قريب أي حد فينا

هنفضل نسكت ونسكت ونسكت وبعدين

عندها بدأت مجموعه من الاصوات الناهره وأخرى ساخطة ولم أحتمل الضجيج من حولي فلا أنا بواعظ ولا أحتاج لمن يخبرني عن تدهور التعليم وتدهور الصحة وتدهور الأخلاقيات ولا أنا أبحث عن حل للمشاكل الأقتصادية ولكن أبحث عن مثل هذا الطفل أبحث عن حقه في أن يحيا حياه طبيعيه

هل هؤالاء الأطفال من أطفال الشوارع؟

ولا أطفال الشوارع هما بس اللي عايشين في الشارع؟

هل ممكن يكون في بيتي وبيت أي حد من اللي ممكن يقرا كلامي ده طفل من أطفال الشوارع؟

هل أهل هؤلاء الأطفال ميعرفوش أيه حال أولادهم

مش عارف حقيق مش عارف